الخميس، 7 يونيو 2012

شفيق ووعوده الانتخابية الخمسة



كتبت : أماني مغاوري     

    مع الاعتذار لمسلسل زهرة وأزواجها الخمسة ، وددت أن أستعرض الوعود الانتخابية للسيد شفيق (حيث أننا نطالب بدولة مدنية لا يحكمها العسكر ، فلابد أن نستبعد مخاطبته بالفريق)
الوعد الأول كان إعادة الاستقرار والأمن للبلاد في 24 ساعة ، وهو يتعلق بعمليات التخريب والبلطجة التي يمولها فلول الحزب الوطني المنحل بأموالهم الطائلة التي اكتسبوها بطرق غير مشروعة ، وهو أمر بالفعل هين على شفيق والفلول فعناوين وتليفونات البلطجية لديهم ،ثم مادامت السيطرة على البلاد ستعود للفلول مرة أخرى فما حاجتهم لبذل الأموال للبلطجية وقد تحقق هدفهم.
الوعد الثاني ويتعلق بمحو ميدان التحرير من على خريطة مصر وقمع الثوار ، وهو منتهى أمل الفلول لتعود الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل ثورة يناير ويستمروا في زحفهم المقدس على أشلاء الوطن ليمتصوا أخر قطرة من دماء مصر.
الوعد الثالث وهو إباحة البناء على الأرض الزراعية ،ليستغل حاجة الناس إلى السكن ، ويضمن الحصول على مزيدا من أصوات البسطاء الساعين لتحقيق مصالحهم الوقتية على حساب مصلحة وطن بأكمله ،ولكن بعد أن نبنى على أرض مصر الخصبة التي تكونت عبر ملايين السنين ، فمن أين سنحصل على غذائنا ؟ وكم سندفع ثمنا لشرائه ؟ وهل سيكون المدفوع مالا فقط أم أشياء أخرى ؟ ومن المستفيد في النهاية؟
طبعا مافيا الاستيراد التابعة للحزب الوطني المنحل والذين أغرقوا أسواق مصر بالمنتجات الملوثة والمسرطنة هم المستفيد الأول ، وسيتحكمون بالأسعار ويرفعونها للحد الذي يعجز عن  دفعه غالبية المواطنين ، وعندها سيعضون بنان الندم ، وليأكلوا إذا المباني التي أقاموها على الأراضي الزراعية ، وليتم شفيق لعبة الحزب الوطني القذرة بتدمير مصر وإخضاعها لإرادة الكيان الصهيوني.
الوعد الرابع ويتعلق بتدريس الإنجيل والقرآن معا في المدارس ، وإذا اعترض الشعب سيلغيهما معا ، طبعا كلام سفيه ، وحسبنا الله ونعم الوكيل ، فالإنجيل والقرآن بالفعل يدرسان في المدارس كل لمن يدين به في حصص التربية الدينية  ، ولكن للقرآن الكريم خصوصيته الفريدة لبلاغته اللغوية ، فلا تدرس اللغة العربية إلا بالاستعانة بالنصوص القرآنية ، بينما لا حاجة مماثلة لتدريس الإنجيل ، لكن من أجل كسب أصوات الطائفيين المتعصبين من أبناء الكنيسة فلا يهم إذا الاستمرار في مسلسل تدمير التعليم الذي بدأه النظام السابق بعد أن استعان بالخبراء الأمريكيين ليضعوا البرامج التعليمية لأبنائنا على هواهم وبما يخدم مصالحهم ومصالح حليفتهم إسرائيل.
الوعد الخامس وهو وعد خاص بمبارك وأركان النظام البائد بإصدار عفو عام عنهم ، وتعويضهم عن أيام السجن المريرة ،وعودتهم إلى مناصبهم معززين مكرمين ، وكأن ثورة لم تقم ، والوعد الخامس من الوعود غير المعلنة للعامة ، ولكنه معلوم للجميع.
والواضح أن وعود شفيق هي وعود من لا يملك لمن لا يستحق ، حيث تصب جميعها في مصلحة فلول النظام البائد ، ببساطة لأن شفيق هو حصان طروادة الذي سيعودون من خلاله لسدة الحكم ، والسؤال الذي يطرح نفسه بقوة هو كيف يسمح لرجل مبارك المخلص وأخر رئيس لوزرائه أن يترشح للرئاسة ؟ وهو ما يعنى إمكانية ترشح مبارك نفسه أو أحد أولاده للرئاسة ،وهو ما يعنى فشل الثورة في إزاحة هذا النظام الفاسد.
إن تفجر موجة جديدة للثورة المصرية لابد ألا يتوقف إلا مع تولى حكومة مدنية لمقاليد الحكم ، فلا ينبغي أن تترك الثورة في أيدي فلول الحزب الوطني يوجهون دفتها بكل قوة ودون كلل نحو شاطئهم الملوث بالفساد مرة أخرى.
     
  


الأحد، 8 أبريل 2012

مصر ودلالات الحصار



كتبت : أماني مغاوري     
     في أول بيان لحكومة الإنقاذ أمام برلمان الثورة قال الدكتور الجنزورى أن مصر تعرضت لمخطط يستهدف محاصرتها ماليا واقتصاديا وفرض حظر على صادراتها بعد الثورة ،لا لشيء إلا لرفض المصريين الخضوع لحكم الاستبداد المدعوم من الغرب .
لقد أدركت حينها أن الثورة المصرية تسير في الاتجاه السليم ،وأن الحصار الإقتصادى ما هو إلا انعكاس لحالة الخوف من النتائج المترتبة على تعافي مصر واحتلالها لمكانتها الرائدة على الساحة الدولية ، حيث أنها لم تكن المرة الأولى التي يفرض فيها الغرب الاستعماري سياسة الحصار الإقتصادى على مصر عبر التاريخ ، ولنفس الدوافع ، فهم يخشون نهضة مصر التي قال عنها المفكر الكبير جمال حمدان أنها الدولة الوحيدة المؤهلة على مستوى العالم لتكون قوة عظمى حقيقية بما لديها من ثروات بشرية واقتصادية و موقع متميز ، فقط تحتاج لإدارة عبقرية لتحقيق ذلك
ومازالت صفحات التاريخ تذكر لمصر تحت حكم المماليك دورها في تحرير الشام من الاستعمار الأوروبي ، واسترداد مدينة عكا أخر معاقل الصليبيين في الشام في عام 1291 ميلادي ،حيث تمكنوا من طرد الصليبيين بعد أن تزايدت القوة العسكرية لدولة المماليك  نتيجة لتحكمهم في طرق التجارة بين الشرق والغرب المارة عبر أراضيهم  ،وتدفق أموال تجارة العبور على خزائنهم  ، عندها تأكد للبابا نيقولا الرابع (1288م-1292م)- الذي انتهى الوجود الصليبي في بلاد الشام التابعة لمصر آنذاك في عهده على يد السلطان المملوكي الأشرف خليل بن قلاوون- وخلفاؤه من باباوات كنيسة روما -الذين كانوا يلعبون دورا سياسيا محوريا في حشد الرأي العام الأوروبي ودفع الملوك والأباطرة لشن الحروب الصليبية آنذاك- أن كسر شوكة المماليك وعودة الاحتلال الصليبي للأراضي العربية لن يتم إلا بفرض الحصار الإقتصادى على مصر ، من أجل إضعاف اقتصاد دولته تمهيدا للقضاء العسكري عليهم .
وفي سبيل ذلك الأمر صدرت العديد من المراسيم البابوية الخاصة بتحريم التجارة – وخاصة الأسلحة والسفن والمعدات الحربية وسائر السلع الضرورية- مع دولة المماليك منذ أواخر القرن الثالث عشر وحتى منتصف القرن الرابع عشر الميلادي ، ووضعت جزاءات صارمة لمن يخالف هذه المراسيم ، تدرجت  من الغرامة المالية ومصادرة السلع ، مرورا بفقدان الحرية والاسترقاق ،حتى وصلت لأقصى عقوبة وهي الحرمان الكنسي .
بالطبع لم تنجح الكنيسة الغربية في مسعاها ،وحتى بعد أن أكتشف البرتغاليون طريق رأس الرجاء الصالح بالدوران حول أفريقيا ، وبالتالي فقدان دولة المماليك الأرباح التي كانت تحصل عليها من تجارة المرور ،مما أدى إلى تردي أحوالهم الاقتصادية ، لم يتمكن الصليبيين من العودة لاحتلال الشام مرة أخرى لبزوغ القوة العثمانية التي تمكنت من إخضاع المماليك هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى انشغال القوى الاستعمارية في إخضاع بلاد أفريقيا وأسيا والعالم الجديد لسيطرتها.
تكررت قصة الحصار الإقتصادى مرة أخرى بعد قيام ثورة 23يوليو 1952م  ، وسعى مصر لتحقيق نهضة اقتصادية بإقامة مشروعات تنموية كان أعظمها على الإطلاق  مشروع السد العالي بهدف الحصول على الطاقة الكهربية للإنارة وتشغيل المصانع ، عندها أيضا رفض الغرب الإستعمارى أن يقدم قرضا لمصر لتمويل بناء السد ، بالإضافة أيضا لفرضهم الحظر على واردات السلاح إلى مصر ، والهدف هو إضعاف اقتصاد مصر لتأمين بقاء الجيب الاستعماري الخبيث المسمى بالكيان الصهيوني في المنطقة ،وانتهى الأمر بالمواجهة العسكرية المباشرة في سلسلة من الحروب مع القوى الاستعمارية وحليفتهم إسرائيل  .
 الآن الثورة المصرية تسير في الاتجاه السليم مهما بدا من خلافات بين القوى المختلفة على الساحة السياسية ، حيث كانت البداية إزاحة الديكتاتور ورؤوس  الفساد الكبرى المحيطة بدائرة صنع القرار ، وسوف يتبع ذلك بمشيئة الله تطهير كافة مؤسسات الدولة من الفساد المتوغل في أركانها ، وذلك تمهيدا لإرساء قواعد الدولة الجديدة القائمة على الديمقراطية والعدل و المساواة بين كافة فئات الشعب المصري.